التشمع الكبدي

 التشمع الكبدي مرض يصاب فيه الكبد بندوب شديدة تفقده شكله التقليدي وعادة يكون نتيجة لسنوات عديدة من الإصابة المستمرة. تشمل الأسباب الأكثر شيوعًا لتشمع الكبد تعاطي الكحول والتهاب الكبد المزمن B أو C (الالتهابات الفيروسية التي تؤثر على الكبد) ومرض الكبد الدهني (غالبًا ما يظهر عند الأشخاص المصابين بالسمنة أو مرض السكري). 

سنناقش في هذه المقالة أعراض تشمع الكبد وتشخيصه وأهم المضاعفات التي تحدث تباعا لتشمع الكبد. 

ما هو الكبد وماهي الأسباب التي تؤدي إلى التشمع الكبدي؟

  الكبد عضو كبير (يزن حوالي كيلو ونصف) يقع في الجزء العلوي الأيمن من البطن أسفل القفص الصدري. يؤدي العديد من الوظائف الضرورية للحياة.

ومن أهم ما يميز الكبد أنه يستطيع إصلاح نفسه عند إصابته. ومع ذلك فإن عملية الشفاء تنطوي على تكوين نسيج ندبي. وبالتالي، فإن الإصابة المتكررة أو المستمرة للكبد (مثل التي تحدث مع تناول الكحول بكثرة) يمكن أن تسبب ندبات كبيرة في الكبد.

في النهاية يمكن أن يصبح التندب شديدًا لدرجة أن الكبد لم يعد قادرًا على أداء وظائفه الطبيعية ويطلق عليه التشمع الكبدي.

أهم أسباب التشمع الكبدي.

هناك العديد من أشكال أمراض الكبد التي يمكن أن تؤدي إلى تشمع الكبد. لكن السببان الأكثر شيوعًا لتشمع الكبد هما مرض الكبد الكحولي والتهاب الكبد الوبائي C، اللذان يمثلان معًا ما يقرب من نصف الأشخاص الذين ينتظرون زراعة الكبد بسبب التشمع الكبدي لديهم.

ولكن توجد أيضًا العديد من الأسباب الأخرى مثل:

-تعاطي الكحول منذ فترة طويلة.

-التهاب الكبد المزمن (B أو C)"تعرف على فيروسات التهابات الكبد" 

-التهاب الكبد الدهني غير الكحولي 

-داء ترسب الأصبغة الدموية (حالة تؤدي إلى تراكم الحديد في الكبد)

ما هي أعراض التشمع الكبدي؟  

لا يعاني الأشخاص المصابون بتشمع الكبد في بعض الأحيان من أعراض ولكن الحالة يمكن أن تسبب قائمة طويلة من العلامات والأعراض المحتملة، والتي لا تحدث جميعها معًا.

 تشمل بعض الأعراض الأكثر شيوعًا ما يلي:

فقدان الشهية .

فقدان الوزن .

الضعف العام .  

اليرقان (اصفرار الجلد أو العينين) والحكة .

علامات نزيف الجهاز الهضمي العلوي (مثل تقيؤ الدم) .

 تورم في البطن (ناتج عن حالة تسمى الاستسقاء حيث يتراكم السائل حول الأعضاء في البطن) .

تغيرات في الحالة المزاجية أو ارتباك أو أنماط نوم غير طبيعية (ناجمة عن حالة تسمى اعتلال الدماغ الكبدي) .

تقلصات العضلات التي يمكن أن تكون شديدة .

غياب أو عدم انتظام الدورة الشهرية (عند النساء) .

ضعف الانتصاب أو العقم أو فقدان الدافع الجنسي (عند الرجال) .

ظهور الأوردة العنكبوتية على الجلد (تظهر الأوردة بوضوح على شكل عنكبوتي على الجلد) .

هناك بعض الأعراض التي تظهر في المراحل المتأخرة من التشمع الكبدي مثل:

ارتفاع ضغط الدم البابي-Portal hypertension.

 يمكن أن يتسبب تشمع الكبد في حدوث مشكلة تسمى ارتفاع ضغط الدم البابي والتي تحدث عندما يرتفع ضغط الدم داخل الوريد البابي وهو المصدر الرئيسي للدم بالنسبة للكبد. 

يحدث هذا لأن الندوب الموجودة في الكبد تعيق تدفق الدم عبر العضو. مع تزايد الضغط، يعود الدم إلى الأوعية الدموية القريبة، في المقام الأول داخل وحول المريء والأمعاء.

التغييرات في اليدين

 يمكن أن يؤثر تشمع الكبد على اليدين مما يؤدي إلى احمرار راحة اليد وتبييض الأظافر أو ظهور خطوط بيضاء عليها.

يمكن أن يسبب أيضًا حالة تسمى تقفع دوبويتران " Dupuytren's contracture" حيث تتقلص الأنسجة في اليد وتتصلب، مما يحد في النهاية من حركة أصابع معينة.

تشوهات في الدم 

 غالبًا ما يعاني الأشخاص المصابون بتشمع الكبد من عدد من التشوهات في دمائهم. على سبيل المثال يمكن أن يكون لديهم مستويات غير طبيعية من بعض البروتينات والإنزيمات وقد لا يتجلط دمهم بالسرعة الكافية كما ينبغي. 

كيف يتم تشخيص التشمع الكبدي؟

  إذا اشتبه مقدم الرعاية الصحية في حدوث تشمع الكبد، فسيطلب عادةً إجراء الآتي:

• اختبار تصوير للبطن بالموجات فوق الصوتية. 
• اختبارات الدم وعوامل التجلط.
• قد يطلب مقدم الرعاية الصحية أيضًا خزعة الكبد والتي تتضمن استخدام إبرة للحصول على عينة من أنسجة الكبد حتى يمكن فحصها بحثًا عن علامات التلف.

 قد لا تكون الخزعة ضرورية إذا كانت الأعراض واختبارات الدم واختبارات التصوير تشير جميعها إلى تشمع الكبد. 

كيفية علاج التشمع الكبدي؟ 

 عند علاج الأشخاص المصابين بتشمع الكبد يضع مقدمو الرعاية الصحية في الاعتبار الأهداف الرئيسية التالية:

• إبطاء أو عكس سبب مرض الكبد .
• منع وتحديد وعلاج مضاعفات تشمع الكبد .
• حماية الكبد من مصادر التلف الأخرى .

1-إبطاء أو عكس سبب مرض الكبد 

 يتضمن الجزء الأول من علاج تشمع الكبد تحديد السبب الكامن وراءه وعلاجه، إن أمكن. على سبيل المثال إذا كان تشمع الكبد ناتجًا عن إدمان الكحول، فمن الضروري معالجة تعاطي الكحول والسيطرة عليه. وبالمثل إذا كان تشمع الكبد ناتجًا عن عدوى مثل التهاب الكبد سي فمن المهم علاج العدوى.

2-تحديد ومنع مضاعفات التهاب الكبد 

 عندما يكون الكبد بصحة جيدة فإنه يقوم بالعديد من الوظائف مثل:

• تصفية السموم من الدم 
• تكسير بعض الأدوية والكحول
•  وإنتاج البروتينات المهمة في التخثر أو الهضم.

 يمكن أن يؤدي تشمع الكبد إلى العديد من المضاعفات بعضها يحدث لأن الكبد لم يعد قادرًا على القيام بهذه الوظائف بشكل جيد، وبعضها يحدث بسبب تعطل تدفق الدم عبر الكبد. 

ما هي المضاعفات الرئيسية لتشمع الكبد؟

دوالي المريء.

 دوالي المريء عبارة عن أوعية دموية متوسعة في المريء. تنتفخ هذه الأوعية الدموية بسبب انسداد تدفق الدم عبر الكبد بسبب التندب مما يتسبب في عودة الدم إلى الأوردة في المريء والمعدة. عندما يرتفع الضغط بشدة داخل هذه الأوعية الدموية يمكن أن تنفجر وتسبب نزيفًا حادًا (يسمى أيضًا نزيف الدوالي). 

العلاج

قد يصف الطبيب للحماية من النزيف مثبطات مستقبلات بيتا الغير انتقائية مثل

" propranolol "Inderal"

الاستسقاء (تورم البطن).  

يتراكم السائل في البطن أحيانًا عند الأشخاص المصابين بتشمع الكبد. هذه الحالة، التي تسمى الاستسقاء.

يمكن أن يتسبب الاستسقاء أيضًا في شعور الشخص بضيق في التنفس أو بالامتلاء. 

العلاج.

لعلاج الاستسقاء يصف مقدمو الرعاية الصحية أدوية تسمى مدرات البول والتي تساعد الجسم على إخراج السوائل الزائدة. كما يوصون الأشخاص المصابين بهذه الحالة بتقليل كمية الصوديوم التي يستهلكونها. 

لكن في الحالات القصوى يقوم مقدمو الرعاية الصحية بتصريف السوائل من البطن باستخدام تقنية تسمى البزل. 

الاعتلال الدماغي الكبدي 

يمكن أن يؤثر تشمع الكبد سلبًا على الدماغ والسبب في ذلك هو أن السموم(اليوريا) تتراكم في الدم عندما يكون الكبد معطلاً و تعبر الحاجز المخي وتؤثر على الوظائف الحيوية بداخله. 

يمكن أن يظهر الاعتلال الدماغي الكبدي على شكل اضطرابات في النوم (النوم لفترات طويلة، أو القليل جدًا، أو النوم أثناء النهار)؛ تغيرات في المزاج أو الشخصية؛ صعوبة في التركيز أو التفكير بوضوح. يهتز. أو تداخل في الكلام.

العلاج.

يشمل العلاج السيطرة على عوامل الإجهاد الأخرى أو تناول بعض الأدوية مثل اللاكتولوز أو مضاد حيوي يسمى ريفاكسيمين (الاسم التجاري: Xifaxan).

المتلازمة الكبدية الكلوية  Hepatorenal syndrome  

 المتلازمة الكبدية الكلوية هي شكل من أشكال أمراض الكلى التي تنتج عن تشمع الكبد. يحدث هذا جزئيًا لأن تدفق الدم المتقطع عبر الكبد يعمل على تقييد تدفق الدم إلى الكلى.

لا تسبب متلازمة الكبد الكلوي بالضرورة أعراضًا، على الرغم من أنها قد تسبب تبول بعض الأشخاص أقل من المعتاد. 

العلاج.

يتم علاج المتلازمة الكبدية الكلوية عن طريق محاولة تحسين وظائف الكبد (على سبيل المثال التوقف عن تناول الكحوليات أو علاج التهاب الكبد B). 

وقد يتطور الأمر إلى أن يصف الطبيب octreotide "sandostatin 0.1mg" مع الألبومين

سرطان الكبد 

 يعاني الأشخاص المصابون بتشمع الكبد من مخاطر متزايدة للإصابة بسرطان الكبد خاصةً إذا كان سبب تشمع الكبد هو التهاب الكبد B أو التهاب الكبد C أو التهاب الكبد الدهني غير الكحولي أو داء ترسب الأصبغة الدموية. 

بالنظر إلى هذا الخطر المرتفع يجب أن يخضع الأشخاص المصابون بتشمع الكبد بالموجات فوق الصوتية كل ستة أشهر للتحقق من علامات الإصابة بالسرطان.

العلاج.

يتم علاج بعض الأشخاص المصابين بسرطان الكبد من تشمع الكبد بزراعة الكبد والتي تزيل السرطان. وقد يتم العلاج باستخدام العلاج الكيماوي في المستشفيات المتخصصة بالأورام.

3-منع المزيد من التلف للكبد وحمايته من تشمع الكبد

 يجب على الأشخاص المصابين بتشمع الكبد توخي مزيد من الحذر بشأن حماية الكبد من أي شيء غير أمراض الكبد التي يمكن أن تضر الكبد. 

فيما يلي وصف لخطوات حماية الكبد من المزيد من التلف.

لقاحات لحماية الكبد 

 يمكن للقاحات ضد التهاب الكبد A وB أن تساعد في منع حدوث المزيد من الضرر للكبد.

نظرًا لأن العدوى يمكن أن تكون صعبة بشكل خاص على الأشخاص المصابين بتشمع الكبد فمن المهم أيضًا الحصول على لقاحات أخرى، بما في ذلك لقاحات للوقاية من الأنفلونزا (مرة واحدة في السنة) والالتهاب الرئوي (مرة واحدة على الأقل).

يجب على مرضى تشمع الكبد تجنب جميع المواد المعروفة بتلف الكبد. 

هذا يتضمن:

• الكحول
• العقاقير غير الستيرويدية المضادة للالتهابات، مثل إيبوبروفين"brufen 400mg" 
• بعض المكملات والعلاجات العشبية، مثل الكافا كافا
• بعض الأدوية الموصوفة مثل الباراسيتامول.فيجب ألا يتناولون أكثر من 2000 مليجرام في اليوم (أربعة أقراص). 

اقرأ أيضا : التهاب الكبد الفيروسي بأنواعه المختلفة-الدليل الشامل لالتهاب الكبد الفيروسي